أذهل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية العالم حيث خالف كل استطلاعات الرأي التي انتشرت قبيل السباق إلى البيت الأبيض ، وبصرف النظر عن الانتقادات التي توجه له فإن نظرة عن كثب تعطينا الأمل بأن ترامب سيكون له اثر ايجابي على العالم .الفوز المذهل لدونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، يقلب النظام الدولي الذي كان سائدًا لعقود، ويثير تساؤلات عميقة حول مكانة أمريكا في العالم. لأول مرة منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، يختار الأميركيون رئيسًا يَعِد بالسير عكس الطريق الذي اتبعه أسلافه، مع فوزه ينذر بأن أمريكا سوف تكون أكثر تركيزا على شؤونها الخاصة، وتترك العالم يعتني بنفسه.
الثورات الخارجية التي أوصلته إلى السلطة تعكس تحولا أساسيا في السياسة الدولية اتضح بالفعل هذا العام بسبب الكثير من الأحداث مثل استفتاء بريطانيا لترك الاتحاد الأوروبي، ونجاح ترامب قد يؤجج الشعوبية، مع تصريحاته بمنع الهجرة، والقومية، إغلاق الحدود بالفعل واضح جدًا في أوروبا وانتشر في أجزاء أخرى من العالم.
يربط العديد بين فوز ترامب، وتصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، وانهيار أوسع للنظام الدولي المعاصر، وكتب جيرار ارو، سفير فرنسا لدى الولايات المتحدة في تغريده على تويتر:" بعد انفصال بريطانيا وهذه الانتخابات.. كل شيء ممكن ".
الانتخابات استحوذت على اهتمامات الناس في جميع أنحاء العالم الثلاثاء، حيث تجمع الملايين حول شاشات التلفزيون في مختلف أرجاء المعمورة، وحتى حركة إرهابية في نيجيريا بوكو حرام أعربت عن قلقها من أن انتخاب ترامب سوف يؤثر على بلادهم.
الناخبون الأمريكيون، بعد عقود من القلق حول ما هو جيد بالنسبة لبلدان العالم، قرروا أن الوقت قد حان للقلق حول ما هو جيد لأمريكا، ووعد ترامب بفعل ذلك، حتى لو كان بقية العالم لا ترغب في ذلك.
وليس بالضرورة ان يكون ما اطلقه ترامب من شعارات خلال حملته الانتخابية صحيحاً فبعد توليه مقاليد الرئاسة سيضطر ان يتصرف بطريقة مختلفة وهنا لا بد ان نذكر ان كثير من الرؤساء اطلقوا شعارات في حملاتهم لكنهم سرعان ما غيروا من مواقفهم بعد توليهم مقاليد السلطة نذكر منهم أوباما و ريجان و بوش وبيل كلينتون .
ستتنفس المنطقة الصعداء على المستوى السياسي دون شكٍ، فالرئيس ترامب يفهم المنطقة جيدًا، ويعرف عبر حزبه ومساعديه من يمثل الخطر الحقيقي على مصالح الولايات المتحدة الأميركية أولاً، وعلى حلفائها حول العالم وفي منطقة الشرق الأوسط ثانيًا، وأهم أولئك الحلفاء دول الخليج العربية وجمهورية مصر.
المتخوفون من ترامب لا يدركون حقيقة الواقع المعيش، حيث يشكل ترامب خطرًا على الإرهاب وليس على الإسلام، خطرًا على الإخوان المسلمين لا خطرًا على المسلمين، فالمسلمون شركاؤه في كثيرٍ من استثماراته، والمسلمون يعملون في شركاته وفنادقه دون تفريقٍ، ومن المعروف أن خطابات الانتخابات تختلف دائمًا عن قرارات السياسة، فالأولى يراد منها التحشيد، والثانية تستهدف المصالح العليا.
الحزب الجمهوري الأميركي يفهم التوازنات الدولية ومشكلات العالم وأزمات الشرق الأوسط أكثر بكثيرٍ من إدارة أوباما التي فرّطت في كثيرٍ من المصالح العليا للولايات المتحدة الأميركية، والتي عادت الحلفاء وقربت الأعداء، وسمحت للمنافسين بملء الفراغ الكبير الذي خلقته حول العالم، ويكفي ملاحظة تصريحات أعضاء الحزب الكبار تجاه سياسات أوباما في السنوات الثماني الماضية، وكم كانت واقعيةً وعقلانيةً، لاكتشاف الفرق الذي سيحدث.
يبدو الرئيس ترامب في تصريحاته وشعارات حملته وكأنه يضع عصر الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان نموذجًا يحتذي به، ومن هنا تأتي حواراته مع بعض رموز ذلك العهد كجيمس بيكر، أو في شعار حملته الذي يقول: «لنجعل أميركا عظيمةً مجددًا». وريغان هو الذي أسقطت سياساته الاتحاد السوفياتي السابق، وقد دخل في حوارٍ مع قادة السوفيات آنذاك، وهذا ما ينبغي وضعه في الاعتبار حين النظر إلى تصريحات ترامب تجاه روسيا، بعيدًا عن الصخب الإعلامي والشجار الانتخابي.