العلامة أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي المعتزلي
كتابُ تفسيرٍ يكشف عن وجوه الإعجاز القرآني البلاغية، والأسلوبية، واللغوية، احتشد له مؤلفه؛ ليخرجه في أبهى حلة بيانية. بيد أن العلماء يحذرون قارئيه من الاعتزاليات الاعتقادية المبثوثة في تضاعيفه؛ وهذا ما حدا بابن المنير أن يتتبع هذه الاعتزاليات، ويفندها على هامش الكشاف.
وهو أشهر تفاسير المعتزلة الذي أبان به المؤلف وجوه الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم ، لإلمامه بلغة العرب ، ومعرفته بأشعارهم ، وإحاطته بعلوم البلاغة والبيان ، والإعراب والأدب ، فأضفى ذلك في تفسيره لآيات الله تعالى ، وحسن البيان .
انتشر الكتاب في الآفاق ، واعترف الجميع بفضله ، وغزارة علمه ، وبراعته ، وحسن الصناعة فيه .
وكان الكشاف أول تفسير يكشف عن سر بلاغة القرآن ووجوه إعجازه ودقة معانيه في ألفاظه ، مما كان له الأثر الكبير في عجز العرب عن معارضته والإتيان بمثله .
وذكر الزمخشري فيه الشواهد العربية التي وصلت إلى ألف بيت ، واهتم بالإعراب والنحو ، وتعرض باختصار شديد إلى المسائل الفقهية في آيات الأحكام ، وبينها باعتدال وعدم تعصب لمذهبه ( الحنفي ) .
لكن الزمخشري استغل تفسيره لنشر مبادىء المعتزلة ، والانتصار لمذهبه فيها ، ويحاول جهده أن يتذرع بالمعاني اللغوية لذلك ، ويؤيد عقائد المعتزلة بكل ما يملك من قوة الحجة ، وسلطان الدليل ، وعرض أحيانا لبعض الروايات الإسرائيلية ، ويصدرها بلفظ "روي" الذي يشعر بضعف الرواية وبعدها عن الصحة ، وختم كل سورة بحديث يبين فضلها وثواب قارئها ، لكن هذه الأحاديث التي ذكرها أكثرها ضعيف أو موضوع .
قيمة هذا التفسير، فهو تفسير لم يسبق مؤلفه إليه، لما أبان فيه من وجوه الإعجاز في غير ما آية من القرآن، ولما أظهر فيه من جمال النظم القرآني وبلاغته، وليس كالزمخشري من يستطيع أن يكشف لنا عن جمال القرآن وسحر بلاغته، لما برع فيه من المعرفة بكثير من العلوم، لاسيما ما برز فيه من الإلمام بلغة العرب، والمعرفة بأشعارهم، وما امتاز به من الإحاطة بعلوم البلاغة، والبيان، والإعراب، والأدب، ولقد أضفى هذا النبوغ العلمي والأدبي على تفسير الكشاف ثوباً جميلاً لفت إليه أنظار العلماء وعلق به قلوب المفسرين. ن قيمة الكتاب إذاً تبرز من خلال علمين مختصين بالقرآن الكريم وهما: علم المعاني، وعلم البيان، وبهما برع الزمخشري حتى أصبح سلطان هذا الفن، فلذا طار كتابه إلى أقصى المشرق والمغرب.
وقد أبدع جداً في تأليفه، وهو القائل شعراً يمدح تفسيره :
إنّ التفاسير في الدنيا بلا عددٍ ** وليس فيها لعمري مثلُ (كشافي)
إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ** الكتب كالداء والكشاف كالشافي
ولاحظ إلى تلاعبه بالألفاظ.. وذلك يدلّ على باعه الطويل في البلاغة والفصاحة.
يمتاز الكشاف بأمور منها:
* خلوه من الحشو التطويل.
* سلامته من القصص والإسرائيليات.
* اعتماده في بيان المعاني على لغة العرب وأساليبهم.
* سلوكه فيما يقصد إيضاحه طرق السؤال والجواب كثيراً، ويعنون السؤال بكلمة "فإن قلتَ" ويعنون الجواب بكلمة "قلتُ".وهذا مما زاد في تفسير الكشاف قيمة يجعل النفوس تميل إليه، والطباع راغبة في قراءته وتناوله.
وهكذا نجد الأئمة الذين تكلموا على الإمام الزمخشري وعلى تفسيره من الناحية الاعتزالية قد أثنوا عليه من الناحية الأدبية والبلاغية واللغوية