الكتاب الذي بين أيدينا – في إصداره الثاني – هو ضمن عدد محدود للغاية من المراجع العربية المتخصصة في هذا المجال. سلك فيه المؤلف نهجاً علمياً في جمع وتصنيف معلوماته، ثم قدم فيه حصيلة بحثه وخبرته في علم الصوتيات المعمارية لأكثر من عشرين عاماً.
يتناول الكتاب علم صوتيات المباني في بابين أساسيين إضافة إلى مقدمة تاريخية تتناول أثر الصوت في تشكيل قاعات الاستماع عبر الحِقَبِ التاريخية المختلفة والمتعاقبة من خلال عدة أمثلة تم اختيارها بعناية. في الباب الأول يتناول الكتاب الخلفية العلمية النظرية التي تحكم سلوك وانتشار الموجات الصوتية في الفراغات المغلقة والتي تتضمن – من بين ظواهر متعددة
– ثلاث عمليات أساسية هي: امتصاص، انعكاس، وعزل الصوت. وقد عُولِجَ كلٍ منها في فصلٍ خاص. يتضمن هذا الباب أيضاً فصلاً خاصاً لعرض ومناقشة أشهر العيوب الصوتية المرتبطة بالشكل المعماري لقاعات الاستماع ثم طرق معالجتها. أضيف إلى هذا الإصدار كذلك فصلاً جديداً يُعالج موضوع الاهتزاز وكيفية الحد من تأثيره على المباني. أما الباب الثاني من الكتاب فقد خُصِصَ لمعالجة الشق التطبيقي من عملية التصميم الصوتي لقاعات الاستماع، وما يتعلق بها من محددات واعتبارات تُهِمُ المعماري وذلك في ثلاثة فصول متعاقبة، تناولت بالشرح والتحليل ثلاثة أنواع من قاعات الاستماع هي على الترتيب: قاعات الحديث كقاعات المحاضرات والمسارح، قاعات الاستماع الموسيقي، وأخيراً القاعات ذات الاستخدام المختلط وهي تلك التي تحوي إما مصادر صوتية مختلفة (كالحديث والموسيقي) أو التي تستخدم لأنواع مختلفة من العروض. ويختتم الكتاب بأربعة ملاحق تتضمن أهم التعاريف الصوتية، معاملات امتصاص مجموعة من المواد ذات طبيعة خاصة، نماذج من بعض الغرف التردادية، وأخيراً تطبيق الحِسَابات الصوتية ACT.
ونحن إذ نقدم اليوم هذا العمل في طبعته الثانية والمُحَدَّثِةِ كلياً؛ فإننا نتمنى أن يجد فيه القــارئ والباحث – من المعماريين وغيرهم – ضالته. ونحن على يقين بإذن الله تعالي بأن هذا الكتاب سيكون مرجعاً مهماً لكل معماري وممارس حريص على الارتقاء بعمله إلى منزلة أسمي.