تُعرّف السلطة عمومًا بأنها علاقة سببية؛ حيث تكون سلطة فردٍ ما سببًا في تغيير سلوك فردٍ آخر رغم إرادة هذا الأخير، ويرفض هان هذا التعريف ذاهبًا إلى أنه يمكن فهم السلطة بشكل أفضل على أنها وساطة ما بين الأنا والغير، والتي تخلق مجموعة معقدة من العلاقات المتبادلة، كذلك يمكن أيضًا ممارسة السلطة ليس ضد الآخرين فحسب؛ وإنما فيما بينهم وعن طريقهم أيضًا، وهذا يتطلب قدرًا أكبر بكثير من الوساطة، وهذا المنظور يسمح لنا أن نرى أن السلطة والحرية ليسا متضادين، وإنما هما مظهران لنفس السلطة يختلفان فقط في درجة الوساطة.
هذا المفهوم شديد الأصالة للسلطة سيكون من الأهمية بمكان للطلاب والباحثين في الفلسفة والنظرية الثقافية والسياسية والاجتماعية، فضلًا عن أي شخص آخر يسعى لفهم الطرق العديدة التي من خلالها ترسم السلطة ملامح حياتنا اليوم.
بيونج تشول هان: فيلسوف ألماني ومُنظّر ثقافي وُلد في كوريا الجنوبية عام 1959، وعمل أستاذًا للفلسفة في جامعة برلين للآداب، تُظهر أعماله تأثرًا كبيرًا بتراث مدرسة فرانكفورت، والتي من أشهرها: "ما السلطة؟" (2005)، و"طوبولوجيا العنف" (2011)، و"مجتمع التعب" (2014)، و"السياسة النفسية: النيوليبرالية وتقنيات السلطة الجديدة" (2016)، و"مجتمع الشفافية" (2017).
ويرى كثيرون أن قراءة أعمال بيونج تشول هان لا غنى عنها لفهم العالم اليوم، فهو أحد المفكرين القلائل الذين نظّروا بعمق كبير حول الظواهر، مثل: الشبكات الاجتماعية، والخصوصية، ومجتمع الاختلال العقلي.
د. بدر الدين مصطفى: أستاذ الجماليات والفلسفة المعاصرة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، وعضو لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة، ومدير تحرير سلسلة الفلسفة الصادرة عن هيئة قصور الثقافة المصرية.
صدر له عدد من المؤلفات، أهمها: دروب ما بعد الحداثة (2018)، مشكلات فلسفية (2011)، فضلاً عن عدة ترجمات قيد النشر، منها: مجتمع الشفافية، المفكرون السياسيون من سقراط حتى الوقت الراهن.