فإن الحضارة الإسلامية تميزت دون غيرها من الحضارات بكونها ربانية المصدر والغاية، عالمية الوجهة، إنسانية المنطلق وسطية المنهج، أخلاقية المحتوى إيجابية البناء، ترتبط بالأصل وتتصل بالعصر، واقعية بلا تسيب صادقة بلا تضخيم، متنوعة بلا تضاد، متطورة بلا جمود قوية بالحق بلا تهور.

واستطاعت هذه الحضارة أن ترتقي بالبشرية في التفكير والسلوك، وصاغت أتباعها صياغة قرآنية فريدة، فارتفعت راية الحضارة الإسلامية على كير من البقاع، وامتدد إلى كثير من المواقع بصورة معجزة قل أن تتكرر في تاريخ الحضارات.

ومنذ تم للنبي e تأسيس دول الإسلام، حملت هذه الدولة مشاعل الحضارة، ورفعت لواء الزعامة عبر عصورها التاريخية، وكان لها تاريخ حافل، ولأعلامها أثر بعيد، حتى غدت دولة الإسلام قبلة الأنام، وغرة في جبين الزمان، ومنبع للعلوم ومنارة للمعارف والآداب، ومقصدًا للعلماء والطلاب من شتى البقاع والأوطان.

وآية العظمة في الحضارة الإسلامية إسهام كل العقول الإسلامية فيها على اختلاف الأجناس والعناصر واللغات والبيئات والرسالات السماوية، واستمداد مفاهيمها من القرآن الكريم والسنة النبوية في المقام الأول، ونبذ العنصرية البغيضة التي تفرق بين الأجناس والأعراق.