كانت منهمكةً في استنشاقِ هواءٍ باردٍ، قادمٍ من ناحية السفح حاملًا معه رائحة المطر، بينما راحت تُداعب بعض الأغصان اليانعة. رفعت إلى بقايا الشمس عينًا مكتحلةً بالشجن، تُنصت إلى غناء الكروان يُؤنس وحدتها ويمنحها سكينةً تحتاجها. يوميا تفر من الموت.. تُفلت من بين براثن مَن يشتهيها، لتراوغَ ذئاب الغابة، فتُمنَح فرصة للحياة ليومٍ آخر. أرهفت السمع.. أهناك شيء يربضُ بين الأغصان المرتفعة؟.. ألقت نظرةً، قبل أن تعودَ للعبث بالحشائش. ليس هناك ما يدعو للخوف، الهواء يعبثُ بالشجيرات، هذا كل ما في الأمر. اعتصرت مطمئنةً بضع حباتٍ من توتٍ صبغ فمها بلونٍ أحمر قانٍ، تسيلُ عصارته بينما تلوكها في تلذذٍ ببطءٍ. مرة أخرى عاد الصوتُ الخافتُ من بين الأشجار، فرفعت رأسها في حذرٍ، ودارتْ عيناها في المكان.