ضاق صدره لدى رؤيته مصابيحهم موقدة، وشاهد رجالا يجلسون على حصيرة ميّز من بينهم والد "سلمى".. لم يجرؤ على قراءة انفعالات وجهه، كان الأمر واضحًا لكنه أصر على تجاهله.. وقع بصره على "منذر" أيضًا، فأشار له حتى تنبه إليه الصبي أخيرًا..
تقابلا بمعزل عن الرجال أسفل سنديانة عجوز قريبة، هناك، قال "منذر" وقد عجز عن
كبح جماح دموعه العزيرة:
جاء والد "سلمى" من "جنين" قبيل ساعات، والدتها في مستوصف فقد غابت عن الوعي..
ما الذي حدث؟
خرجت "سلمى" لوحدها تاركة والدتها مع خالتها "فداء"، أخبرت والدتها بأنها ذاهبة للحقل وبعد؟
لم تعد، بحثوا عنها طويلا حتى وجدوها أخيرًا..
"يزن".. لقد دهستها سيارة جيب عسكرية إسرائيلية حسب أقوال الشهود، العجلات
مرت فوق وجهها تمامًا!
وانخرط في البكاء كالنسوة حتى لامس لعابه ومخاطه الأرض، فشعر "يزن" بالأرض تميد به،
بمعدته تتقلب، وبقلبه يخفق بسرعة لم يسبق لها مثيل..
وقاوم الغثيان بعسر، قائلًا بنبرة راجفة كأنامله:
وبعد؟