وفي ظلّ هذه الأوضاع، ظهرَ في عُمَان جملةٌ من العلماء أثّروا في الحياة الثقافية وتركوا لنا تراثًا فكريًّا وحضاريًّا مكتوبًا، وظهرتْ في عصرهم مؤسّسات ثقافيّة ودُور علم أفرزت عددًا من العلماء والفقهاء والأدباء والأسَر العلميّة، كما ازدهرت حركةُ التّأليف والنَّسخ.
تغطّي هذه الدّراسة علماءَ الإباضيّة الذين ظهروا في تلك الفترة، بصرف النظر عن القوى السّياسيّة التي كانت موجودة في المنطقة، كما تُعنى بدراسة النّظام التعليميّ ممثَّلًا في مراحل التّعليم، ومناهجه، وأماكنه، وطُرقه، وأحوال المُعلّمين والتّلاميذ. وتتناول الدّراسة كذلك الإنتاجَ الفكريّ والعلميّ للعلماء في العلوم المختلفة، وإسهاماتهم في المجتمع.
وقد حُدِّدت الدّراسة ضمن إطارٍ زمانيّ يبدأ بسنة 809هـ/1406م التي بدأ فيها إحياء الإمامة الخامسة في عُمان، وينتهي بانتهائها سنة 964هـ/1557م. أما الإطار المكانيّ فيشمل المراكز العلميّة في مدن عُمان الداخليّة، كنزوى، والرّستاق، وبُهلاء، ومنح، وإزكي؛ لكونها احتضنت العدد الأكبر من علماء عُمان عبر العصور.
وممّا يعزّز من أهمية هذه الدّراسة اعتمادها على عددٍ من المصادر التاريخيّة والفقهيّة والأدبيّة، لا سيّما المصادر الفقهيّة التي ما يزال أغلبها مخطوطًا.