رابعاً: إكثاره من الاستشهاد بالأبيات الشعرية، قد بلغت ثلاثماية وتسعاً وخمسون شاهداً، وبآيات القرآنية، وكل الشواهد الشعرية التي استشهد بها هي لشعراء يحتج بأشعارهم، أي لشعراء عاشوا في العصر الذي عرف الاحتجاج، وهو العصر الذي ينتهي في منتصف القرن الثاني الهجري. خامساً: لاستشهاده بالحديث النبوي الشريف خلافاً لشيخه أبي صيان، سادساً: لمجاراته للمذهب البصري عموماً، وهذا يظهر من إكثاره من الاعتماد على آراء سيبوية، وغيره من نحاة البصرة، ومن مجاراته للبصريين في مسائل خلافيّة دون تسميتهم. سابعاً: عدم اكتفاءه بالشرح، إذ قد يتعداه أحياناً إلى تخطي ابن مالك، أو الدفاع عنه، أو زيادة أوجه أخرى من المسائل، أو تفصيلات أحملها الناظم.
وخلاصة القول: أن ابن عقيل بدلنا من خلال هذا المنهج الذي انتهجه، عالماً أحاط إحاطة شاملة بمسائل النحو ومذاهب النجاة فيها، ثم عرض لهذه المسائل عرض الخبير ذي القدرة الكبيرة على جودة العرض والترتيب والاستنتاج. ولأهمية هذا الكتاب اعتنى الدكتور "إميل بديع يعقوب" بتحقيق وبالتعليق عليه ببعض التعليقات والتصحيحات والاستدراكات التي توضح ما جاء في الكتاب من نص، كما وعنى بشرح شواهده، وتفصيل الكلام على مقاصده.
وهذا الكتاب يضم بين دفتيه شرح الإمام قاضي القضاة المصري ابن عقيل على ألفية ابن مالك النحوي الأندلسي، ويعد هذا الشرح من أدق ما كتب من الشروح على ألفية ابن مالك، وأجل ما ألف عليها من تصانيف، بل هو أشهرها وأهمها لمكانة ابن عقيل ومنزلته في علوم العربية. وقد جاء هذا الكتاب مذيلاً بتعليق لطيق يكون تحليل لفهم معانيه وبلوغ مراميه، وكما وعني الشيخ قاسم الشماعي الرفاعي بإعراب الألفية والتعليق عليها.