تجسد وتأنس ضدان لا يجتمعان

· Magdy Sadek
Ebook
72
Pages

About this ebook

التجسد والتأنس ضدان لا يجتمعان

 

    وضع نسطور مؤلفين بعنوان " تجسد ربنا يسوع المسيح " و" ظهور المسيح المحيى " منسوبين زورا للقديس أثناسيوس الرسولى هاجم فيهما القديس كيرلس عمود الدين متهما إياه بالأبولينارية, كما هاجم ضمنيا كتابات للقديس أثناسيوس الرسولى نفسه متهما إياه بالجنون بقوله:

    أنتم تقولون إذا كان المسيح إنسان فهو جزء من العالم, وجزء من العالم لا يستطيع أن يخلص العالم, يا للضلال والتحريف الجنونى ( ظهور المسيح المحيى ف 7 ص 22 ).

     وذلك ردا على قول القديس أثناسيوس الرسولى:

    " إن لم يكن الكلمة هو الابن بل الإنسان, فكيف يمكنه أن يخلص العالم وهو نفسه واحد من العالم ؟ " ( 4 ضد الأريوسيين ف 20 ص 31 ).

    اثبت نسطور فى هذين الكتابين معتقده فى أن العذراء لم تلد الكلمة المتجسد. بل ولدت انسانا مثلنا يدعى يسوع المسيح تأنس به الكلمة واحتجب بروحه الإنسانية وهو في بطن العذراء, فجعل روح هذا الإنسان روحه وصيرها واحدا معه فى مجد الربوبية بدون اختلاط أو امتزاج أو تغيير, وكما اشتراك المسيح في مجد وكرامة الربوبية , اشترك الكلمة فى وحدة اسم المسيح.

    انكر نسطور بهذه الأقول التجسد معلما بتأنس الكلمة بروح انسانية حل فيها بقوله:

   " أن الأباء القديسين لم يذكروا ولادة بحسب التدبير بل تأنسا ( الرسالة رقم 5 لنسطور ف 5 ).

     أي أن الكلمة لم يولد من العذراء بحسب الجسد. بل تأنس بروح الإنسان يسوع المسيح المولود منها.

   ومفاد ذلك أن الكلمة ليس هو يسوع المسيح, لأن الكلمة حسب نسطور لم يعرف باسم يسوع المسيح إلا منذ حلوله في روح هذا الإنسان بكل ملء لاهوته واحتجابه بها وهو بعد فى بطن العذراء.

   وقد زعم نسطور أنه لو كان اسم المسيح خاصاً بالكلمة قبل تجسده، لصار من الحتمي أن نستخدم ذات الاسم " المسيح " للآب والروح القدس ( ظهور المسيح المحيى لنسطور ف 2 ) مناقضا بذلك الكتاب المقدس الذى اثبت ان اسم المسيح هو اسم الابن الواحد مع الآب ( يوحنا 5 : 43 ) والروح القدس ( يوحنا 14 : 16, 17, 26 ) ( أفسس 3 : 17 ).

     فالمسيح حسب الحق الكتابى ليس إنسان ( غلاطية 1 : 1 , 11 - 12 ) أى أن روحه ليست إنسانية بل إلهية ( رومية 8 : 9 ) أزلية ( العبرانيين 9 : 14 ) محيية ( كورنثوس الأولى 15 : 45 ) روح الحياة ( رومية 8 : 2 ) الناطقة فى الأنبياء ( بطرس الأولى 1 : 10 - 11 ).

    فالقول بأن : إلوهيم ظهر فى الجسد, لا يعنى أن إلوهيم حل فى انسان يدعى يسوع المسيح, بل أن اسم يسوع المسيح الذى جاء في الجسد ( يوحنا الأولى 4 : 3 ) هو اسم إلوهيم الذى ظهر فى الجسد ( تيموثاوس الأولى 3 : 16 ) باشتراكه معنا في اللحم والدم ( العبرانيين 2 : 14 ) الذى ظهر به في الهيئة كإنسان مثلنا ( فيلبى 2 : 8 ).

   أما تجاديف نسطور على الرب يسوع المسيح بإنكار لاهوته وتجسده بالقول : بأن العذراء ولدت انسان يدعى يسوع المسيح بروح إنسانية عاقلة, وأن اللاهوت اتحد بها واحتجب بها, وبموجب هذا الإتحاد صارا واحدا, ثم يزعم بأن هذه التجاديف على روح المسيح هو ما تسلمها من الأباء القديسين داعيا معلمي الضلال من أصحاب الطبيعتين قديسين غير مميز أنه انما يتكلم بروح ضد المسيح, لأن كل روح لا يعترف بأن يسوع المسيح جاء في الجسد فليس من إلوهيم وهذا روح ضد المسيح ( يوحنا الأولى 4 : 3 ).

   لأنه إذا كان المولود من مريم انسان بروح انسانية عاقلة مثلنا يدعى يسوع المسيح نال حلولا إلهيا بأى كيفية, وقيل عنه أنه رب ينبغي له السجود والإكرام, فإن المتكلم فى هذه الحالة لا يتكلم بالروح القدس بل بروح ضد المسيح الذى اسقطه لعدم تمييزه في عبادة انسان نظيرنا.

    والواقع أن ليس أحد يستطيع أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس.

    وفى هذا يقول يوحنا الرسول :

    بهذا تعرفون روح إلوهيم : كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من إلوهيم, وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من إلوهيم, وهذا هو روح ضد المسيح ( يوحنا الأولى 3 : 1 – 3 ).

     إذن كل من يعترف بأن يسوع المسيح هو إلوهيم الذى جاء في الجسد, فهو من إلوهيم.

    وكل من لا يعترف بذلك ويقول بأن يسوع المسيح الذى ولد من مريم ليس هو ابن إلوهيم الوحيد بل هو انسان نظيرنا ذى روح انسانية عاقلة, وأن إلوهيم حل فيه بكل ملء اللاهوت, وجعله واحدا معه بأى كيفية بحسب بدع أصحاب الطبيعتين, فهذا لا يتكلم بروح المسيح بل بروح ضد المسيح .

   بناء عليه فكل من يقول أن يسوع انسان تأنس به الكلمة, إنما يتكلم بلسان ضد المسيح, فيسوع المسيح ليس انسان مثلنا ( غلاطية 1 : 1 , 11 - 12 ) بل هو ابن إلوهيم الوحيد الذى ارسله إلوهيم إلى العالم لكى نحيا به ( يوحنا الأولى 4 : 9 ).

    فكلمة تأنس ليس لها أى سند كتابى أو تاريخى ولم تظهر فى الكتب الطقسية حتى فى كنائس انطاكية والقسطنطينية قبل ظهور بدعة نسطور

    وعلى هذا فإن إدعاء أحد اليعاقبة بأن المصطلح  " تأنس " ورد في قانون الإيمان قبل ظهور بدعة نسطور هو إدعاء كاذب لأن هذا المصطلح " تأنس " لم يوجد إلا في قوانين الإيمان التي زورها أصحاب الطبيعتين لإنكار التجسد والقول بتأنس الكلمة بإنسان مثلنا, ومن ثم فإن هذا المصطلح لا أصل كتابى له ولا أثر له في أقدم نسخ قانون الإيمان الذى ثبت أنه من وضع الرسل وليس المجامع المسكونية كما زعم النساطرة وروجوا له.

  وقد ثبت بالبحث خلو نسخ قانون الإيمان الرسولى التي ترجع للقرون الثلاثة الأولى من هذا المصطلح النسطورى الذى يراد به إبطال التجسد بالقول بتأنس الكلمة باحتجابه فى روح الإنسان يسوع المسيح التى جعلها روحه الخاصة بسبب حلوله فيها بحسب معتقد نسطور.

    والواقع أن التعليم بأن اللاهوت حل وسكن واحتجب فى روح المسيح الإنسانية العاقلة وتأنس بها يضاد الحق الكتابى بأن الروح جوهر روحانى بسيط لا يقبل التركيب أو الإضافة وهى ساكن لا مسكن, تشخص الجسد وتصيره خاصا بها ولا تشخص من غيرها.

    والواقع أن المحقق تاريخيا أن النسطورية بمدارسها الصوفية الباطنية التي تظهر خلاف ما تبطن. مؤسسة على ذات الفكر الصوفى الغنوسى القائل بأن العذراء لم تلد ابن إلوهيم وإنما ولدت إنسانا يدعى يسوع المسيح اتحد به إلوهيم بكيفية مختلف حولها بين النساطرة والخلقيدونيين والأنطاكيين من اتباع ساويرس الأنطاكى ويعقوب البرادعى.

    لهذا فإن الهدف من هذا المؤلف هو تفنيد بدعة التأنس والتى تعنى عند النساطرة احتجاب الكلمة بروح المسيح الإنسانية العاقلة والإشتراك فى تشخيصها دون أن يبطل عقلها الخاص المشخص لجسدها الخاص, لأن الإتحاد حسب نسطور هو بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.

    فهذه البدعة غايتها استبدال التعليم بتجسد الكلمة بالتعليم بتأنس الكلمة والتى تعنى احتجاب الكلمة بالروح الإنسانية العاقلة ( نسطور " تجسد ربنا يسوع المسيح " ف 17 ص 42 ) ( نسطور " ظهور المسيح المحيى " ف 17 ص 38 ) ( ثيؤدورت " الجامع للطبيعتين " منشور تحت عنوان " كمال البرهان على حقيقة الإيمان " ك 1 ق 3 ف 4 ص 51 , 52 ).

      مما تقدم يتضح أن التجسد والتأنس ضدان لا يجتمعان.  


Rate this ebook

Tell us what you think.

Reading information

Smartphones and tablets
Install the Google Play Books app for Android and iPad/iPhone. It syncs automatically with your account and allows you to read online or offline wherever you are.
Laptops and computers
You can listen to audiobooks purchased on Google Play using your computer's web browser.
eReaders and other devices
To read on e-ink devices like Kobo eReaders, you'll need to download a file and transfer it to your device. Follow the detailed Help Center instructions to transfer the files to supported eReaders.