يُعدّ أوغستينوس، من أشهر آباء الكنيسة، ومن أبرز مؤسّسيها. وهو من أصل بربريّ، ترَوْمَنَت أسرته. وكان أبوه متشبّثاً بالوثنيّة القديمة، في حين كانت أمّه "مونيكا" مسيحيّة متّقدة الإيمان، أثّرت في ابنها أيّما تأثير، حتى بعد أن تجاوز طور المراهقة وطيش الشباب، تاب واعتنق دينها.
كان أوغستينوس قاضياً وداعية وخطيباً، يُلقّب بالأفريقيّ، وكان فعلاً أفريقيّا أصيلاً، يلبس قميصا أبيض من صوف ويضع على رأسه قلنسوة بيضاء وفي رجليه نعل، ويجوب المقاطعة الأفريقية على ظهر حمار أو بغلة، أو على قدميه، مقاوماً الفساد والشعوذة وبقايا الوثنيّة.
لهذا النصّ قيمة مرجعيّة تاريخيّة، إذ نقل الفلسفة الروحانيّة اليونانيّة من ثوبها الأفلاطونيّ الحديث، وخاصّة الأفلوطينيّ، إلى أجواء مسيحّية صرف، مُمهّدًا بذلك الطريق إلى الفكر اللاهوتيّ الغربي. ولئن طغت العقيدة المسيحيّة على أعمال أوغستينوس الأخرى، فإنّ "الاعترافات" مثّلت الفترة التاريخيّة التي تأرجح فيها الفكر الإنسانيّ بين العقلانيّة والتصوّف، كما مثّلت نهاية التاريخ القديم وبداية العصر الوسيط.
في هذه "الاعترافات" مراجعة للنفس وتأصيل للنقد الذاتي ومشروع روحاني ترك تأثيرًا كبيرًا على المسيحية من بعده. وهي بمثابة "شاهد" أو علامة فكرية بارزة، في مسيرة الحضارة الكونية.
القديس أغسطينوس (13 نوفمبر 354 – 28 أغسطس ا430) كاتب وفيلسوف من أصل نوميدي-لاتيني ولد في طاغاست (حاليا سوق أهراس، الجزائر) . يعد أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية. تعتبره الكنيستان الكاثوليكية والأنغليكانية قديسا وأحد آباء الكنيسة البارزين وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني. يعتبره العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون أحد المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص. وتعتبره بعض الكنائس الأورثوذكسية مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديسا.
ولد في مملكة نوميديا التي كانت مقاطعة رومانية من أمه الأمازيغية القديسة مونيكا وأبيه الوثني باتريسيوس الأفريقي-اللاتيني. تلقّى تعليمه في روما وتعمّد في ميلانو. مؤلفاته – بما فيها الاعترافات، التي تعتبر أول سيرة ذاتية في الغرب – لا تزال مقروءة في شتى أنحاء العالم.