يبحث الكتاب في صلة المعتقدات الحرّانية بكل من: الصابئة، المندائيين، الأحناف؛ وأتباع ديانة الإله ‘سين‘ إله القمر الحراني؛ وبالتالي علاقتهم بإبراهيم الخليل الأب المكرم فيما سُمي الديانات التوحيدية، رغم التناقض "اللاهوتي" حول معتقداته في هذه الديانات. يصل البحث إلى نتيجة تفيد أن "الصابئة" مفهوم غائم لايدل على معتقد محدد، واختلاف المندائية عن المعتقدات الحرّانية، حيث لا رابط بينهما سوى المؤثرات السومرية على المندائية، وأن إبراهيم كان من أتباع الإله سين الحرّاني الذين كان يطلق عليهم الأحناف.
يبحث الكتاب أيضا في علاقة معتقدات الحرانيين بالفلسفة اليونانية، والأسباب التي جعلت فيثاغورث وفلاسفة آخرين مقدسين لديهم، ويقدم البحث الصلات التي ربطت هؤلاء الفلاسفة بالحرّانيين، ويخلص إلى أن هؤلاء الفلاسفة كانوا بهذا القدر أو ذاك أبناء المدرسة الحرّانية أخذوا منها أولا ثم أضافوا لها لاحقاً.
يتوقف البحث عند العداء المسيحي- الحرّاني الذي تعود جذوره لليهودية، وتصاعد مع "رسول الوثنيين"؛ بولس. إذ يقدم قراءة جديدة لرسالة الرسول بولس الثانية إلى أهل ثيسالونيكي، تربطها بهذا العداء، وترى أن المقصود بـ "رجل الخطيئة" و"هيكل الإله" الواردة في نص تلك الرسالة هو الإله «سين» ومعبده الشهير في حران. في هذا المبحث يخلص الكتاب إلى أن المعتقدات الحرّانية تمحورت حول عبادة الإله سين "القمر"، رغم وجود "الشمس" و"الزهرة" كثالوث مقدس في معتقداتهم، وأن ديانتهم أُطلق عليها "الحنيفية" التي تعتبرها اليهودية والمسيحية "وثنية" ويعتبرها الإسلام "توحيدية"، ويقرّ بأنها أصله.
يرسم الكتاب مساراً تاريخياً للمعتقدات الحرّانية بدءا من جذورها السومرية حتى تحولها إلى ديانة "شبه توحيدية" في عهد آخر الملوك البابليين، الذي بنى معبداً للإله سين في "تيماء" في الجزيرة العربية، حيث عٌبد هناك باسم "الله" أو "الله تعالى". ويجري البحث مقارنات بين العبادات والطقوس والشرائع الحرّانية، والإسلامية ويخلص إلى التشابه الكبير بين الإسلام وديانة الإله سين "الحنيفية"، والتي استمرت حتى غزو هولاكو لحرّان (1260م).وتدميرها وتشريد أهلها وتهديم معبد "سين" بتحريض نسطوري مسيحي.
بعد غزو هولاكو لم تختفْ حران من الوجود بل اختفى الحرانيون الفلاحون «النَّبط» أيضا! وهم جماعة شهيرة في التاريخ، انقطع ذكرهم بعد هذا الغزو! وظهرت بدلًا منهم عشائر زراعية عُرِّفتْ بـ«الشَّوَايا»، تنتشر في المناطق التاريخية التي سكنها الحرانيون في الجزيرة وحوض الفرات.
يعرض البحث الدلائل والشواهد اللغوية والتاريخية، التي تؤكد أن أصول جماعة محددة من هذه العشائر، شكلت مجتمع البحث، تعود إلى الحرانيين وليس إلى قبيلة ’زبيد‘ العربية اليمانية، وأن ما جرى هو تبديل انتسابٍ من الأصل الحرّاني «النَّبَطي» إلى الأصل العربي.
إذ يكشف البحث؛ من خلال المصادر الموثوقة، أن الشاعر الشهير عمر بن معد يكرب الزبيدي الذي تنتسب من خلاله هذه العشائر إلى قبيلة زبيد، قد "مضى نسله" في وقت مبكر من التاريخ. كما يورد البحث الدلائل على عدم وجود هجرة لـ «زبيد» إلى منطقة الجزيرة وحوض الفرات لا قبل الإسلام ولا خلال العهد الإسلامي.
يخلص البحث إلى تقديم نظرية حول أصول العشائر، التي شكلت مجتمع البحث، وتتمثل بتحالف عشائر البوشعبان وعشيرة المجادمة، والتي تنسب نفسها إلى «زبيد»، وكان موطنها الأصلي حرّان قبل تدميرها، وتستوطن الآن بشكل أساسي الجزيرة و حوض الفرات و وادي البليخ، تقول بأن أصل هذه الجماعة لا يعود إلى ’زبيد‘، بل إلى الحرّانيين الذين عاشوا في حرَّان منذ ألفي سنة قبل الميلاد على أقل تقدير، قبل تشريدهم الأخير، الذي تلا غزو هولاكو. كما يقدم البحث الدلائل على أن هذه الجماعة التي بيّن أصلها الحرّاني غير العربي، قد دخلت الإسلام بشكل متأخر، في الفترة ما بين غزو التتار للمنطقة (1395م)، وبدايات سيطرة الإمبراطورية العثمانية وبقي إسلامها شكلياً حتى النصف الثاني من القرن العشرين، واحتفظت بجزءٍ من موروثها الحرّاني حتى وقتٍ قريب.
يقدم البحث الصلات الدينية والثقافية والعلمية التي تربط الحرّانيين بـالسومريين، فيرتبط في النهاية بـ«القضية السومرية»، التي ما تزال تشغل الباحثين وتتعلق بمصير السومريين من أين جاؤوا وأين ذهبوا. فقد توصلنا عبر الأدلة المتناثرة في الكتب والمراجع واللُّقى الآثارية إلى كشف جديد، يقول بعودة أصول الحرّانيين إلى السومريين، الذين هاجروا بالأصل من أعالي الجزيرة إلى السهل الرسوبي في بلاد النهرين وبنوا أولى المدن وأولى الحضارات.
خلف علي الخلف
شاعر وكاتب وباحث من الجزيرة «الفراتية»، مواليد الرقة [خنيز محمد الخلف] 1969م يحمل الجنسية السويدية. لديه ماجستير في فلسفة الصحافة من جامعة سودرتورن في ستوكهولم (السويد) عن رسالته المعنونة «احتمالات البلوكشين والاقتصاديات المشفرة في تنمية الصحافة المستقلة والبناءة». يحمل شهادة في العلاقات الدولية من جامعة مالمو (السويد). شهادة في العلوم الإنسانية الرقمية من جامعة كالمر (السويد). إجازة في إعداد المحتوى ومن كلية مالمو للمهن التطبيقية (السويد). إضافة إلى إجازة في الاقتصاد من جامعة حلب (سوريا).
عمل باحثاً في جريدة إيلاف الإلكترونية في الفترة 2006-2013م كمحلل بيانات ومطور، والتي يكتب فيها مقالات رأي منذ العام 2003م حتى الآن. أسس في عام 2005م موقع جدار الثقافي ثم دار جدار للثقافة والنشر.
كتب العديد من الأبحاث باللغة العربية والإنكليزية وينشر منذ تسعينات القرن الفائت في الصحافة والدوريات العربية. لديه سبعة أعمال شعرية منشورة وثلاثة أعمال مونودراما إضافة لكتب وأبحاث أخرى. فاز بجائزة الفجيرة للمونودراما في دورتها الأولى عن عمله «گلگامش بحذاء رياضي». ترجمت بعض أعماله ومقالاته إلى عديد من اللغات، الإنكليزية والألمانية والسويدية والإسبانية والفرنسية ولغات أخرى. شارك في تأسيس العديد من التجمعات النقابية للصحفيين والكتاب وكذلك التيارات السياسية. يجيد العربية والإنكليزية إضافة إلى الإسبانية والسويدية بشكل متوسط واليونانية بدرجة أقل.
قصي مسلط الهويدي
مهندس معماري وباحث من الجزيرة «الفراتية» مواليد الرقة [المشلب] 1971م. مقيم في ألمانيا منذ عام 2015م. خريج كلية الهندسة المعمارية، جامعة حلب (سوريا). عضو الهيئة التدريسية في كلية الهندسة المعمارية في جامعة الاتحاد (الرقة | سوريا). مدرس مواد: التصميم المعماري؛ العمارة البيئية؛ تنسيق المواقع، بين الأعوام: 2008-2012م. نشر عددا من المقالات في مجال «الإبستمولوجيا»، حيث يعمل على الاختصاص في الإبستمولوجيا والبحث المعرفي. يعمل منذ سنوات على عمل يبحث في تحليل النظم المعرفية و تشكّل الزمر الاجتماعية، ولديه اطلاع واسع على التاريخ الشفهي للعشائر في «الجزيرة» و «حوض الفرات». شارك في تأسيس عدد من المنظمات والتيارات السياسية. يجيد العربية والألمانية بشكل متوسط.